الجمعة، يناير 01، 2016

دور الجغرافيا في حماية الموارد المائية وترشيد استهلاكها

إن المياه مورد طبيعي مهم جدا ترتبط الحياه به ، ولا يمكن أن تتطور وتستمر من دونه . وتدرس الجغرافيا الطبيعية العمليات الطبيعية ، مثل الدورة الهوائية والمائية وتشكل التضاريس والترب وتغيرات الغطاء النباتي والعالم الحيواني ، والمياه الجارية في النظم الجغرافية كالحوض النهري من اجل استصلاحها واستثمارها وصيانتها لصالح المجتمع البشري وخدمته ، وتسهيل الحياه على بني البشر . ويعكف علم الجغرافيا على دراسة المياه دراسة شاملة متكاملة ، حيث يقوم بدراسة الغلاف المائي ككل ، والتوزيع الجغرافي للمياه ومعرفة كميتها مالحة كانت او عذبة ، ومعرفة احطياطي المياه ومدى كفايتها ، ودراسة التوازن المائي ومصادر المياه والدورات المائية – الكبرى والصغرى ، ومعرفة اي تغير تتعرض له هذه الدورات ، ودراسة ارتباطها بكل عناصر الغلاف الجغرافي وملاحظة مدى انعكاس ذلك على الدورات الطبيعية الاخرى ، وبالتالي على جميع مظاهر الحياه ، والغلاف الجغرافي وانعكاس ذلك على الدورات الطبيعية الاخرى ومن ثم على التوازن المتحرك ، وهو المجال الذي تتداخل فية العلاقات والتاثيرات المتبادلة بين كل من الغلاف الصخري والغلاف المائيوالغلاف الجوي . وتسهم الجغرافيا في دراسة العلاقة المعقدة بين الغلاف المائي وبين مختلف عناصر الوسط المحيط ، الحية والجامدة (الغير حية ) ، ومدى تأثير الإنسان في الدورة المائية من خلال عمليات الري المختلفة ، وتحويل مجاري الانهار وبناء السدود والخزانات المائية الضخمة وغير ذلك ، وتسهم في دراسة الاحواض المائية النهرية بما في ذلك تلك الاحواض المشتركة بين الدول وحل النزاعات المتعلقة بذلك ، وتدرس العلاقة بين توزيع المياه وتوزيع السكان ، وضمان الادارة المتكاملة للاراضي والمياه . وتقوم الجغرافيا بدراسة العوامل الجغرافية الطبيعية والبشرية المعاصرة ، التي ادت الى حدوث تغير في النظام الجغرافي للاحواض النهرية ، وحدوث جفاف دائم او مؤقت للانهار الكبيرة أو الصغيرة أو فروعها أو البحيرات في أي مكان من العالم ، ودراسة السبل والطرائق لتأهيل هذه المصادر المائية وإعادتها إلى وضعها الطبيعي ، مثل على ذلك جفاف بحر آرال في أسيا الوسطى، الذي يعد من الأمثلة الواضحة لحدوث خلل بيئي بلغ حد الكارثة ، والسبب في ذلك الاستخدام غير الصحيح لمياه نهري سرداريا وأموداريا في اسيا الوسطى ( هم نهري سيحون وجيحون قديما ) ، مما أدى إلى تناقص المياه التي تغذي هذا البحر وانعدامها . وكذلك دراسة تغير مستوى البحر الميت وأثر العوامل الطبيعية والبشرية في التغيرات الإيكولوجية التي يتعرض لها هذا البحر، كتناقص مساحته من 1000 كم2 إلى نحو 700 كم2 خلال فترة قصيرة، وكذلك دراسة التأثيرات والعواقب البيئية السلبية التي يمكن أن تحدث من جراء تنفيذ أي من المشاريع المقترحة لوصل البحر الميت بالبحر المتوسط أو البحر الأحمر. وقس على ذلك في سورية حيث تعرضت الكثير من الأنهار كنهر بردى وبحيرتي العتيبة والهيجانة، ونهر قويق وغيره، إلى جفاف دائم أو مؤقت، وإلى خلل بارز في التوازن البيئي لهذه المصادر المائية. ويظهر دور الجغرافيين الجلي على سبيل المثال، في حماية الطبيعة بشكل عام والمياه بشكل خاص عندما تم الأخذ برأيهم عام 1986 في الاتحاد السوفييتي (السابق)، في وقف عملية تحويل مجارى الأنهار من المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية، بحيث ترك القرار النهائي للجغرافيين في هذا الشأن. إن الأنهار الصغيرة دائمة الجريان تتراوح أطوالها عادة من بضعة كيلو مترات إلى بضعة عشرات الكيلومترات، ومساحة حوض كل منها لا تتجاوز 2000 كم2، وهذه الأنهار هي من أكثر الأشكال المائية انتشاراً على سطح اليابسة، وهي تغطي مساحات واسعة من الجبال والهضاب والسهول، ومعظم الأنهار الصغيرة تشكل الجزء العلوي في نظام الجريان النهري، وهي بهذا تشكل الأساس في البيوسينوز وتعد الأنهار الصغيرة من الموارد الطبيعية الهامة، و لها دور حاسم في تطور النظام الجغرافي (الطبيعي والاجتماعي) وتوازنه، وعلى ضفاف الأنهار الصغيرة عاش في الماضي ويعيش الآن أكبر عدد من السكان سواءً في الريف أو في المدن، وهؤلاء من أقدم العصور يستخدمون مياهها لتأمين حاجاتهم من مياه الشرب والغسيل والسقاية والاستجمام والسباحة والصيد والاستخدامات الأخرى. إن الأنهار الصغيرة من العوامل المهمة المؤثرة في عمليات انجراف التربة ونقل الطمي والرسوبيات، وهي تؤثر وتتأثر بالعوامل المناخية والبيولوجية والجيولوجية والجيومورفولوجية وغيرها، ولها دور مهم في حياة كل إنسان وكل مجتمع وفي حياة الكثير من الكائنات الحية، وهي تؤثر في المنظومة البيئية عامة، لذلك فليس من قبيل المصادفة أن تلقى المشكلات التي تعاني منها هذه الأنهار كالاستنزاف والجفاف والتلوث المزيد من الاهتمام من قبل قطاع واسع جدا من السكان العاديين ومن العلماء والمختصين بما في ذلك الجغرافيين. اعداد : منصور ابو ريدة / ماجستير جغرافية عمران