الجمعة، يوليو 27، 2012

جغرافية المدن وعلاقتها بنظم المعلومات الجغرافية في تنمية وتخطيط المدن

لقد أصبحت الجغرافيا بتطور مناهجها وتعدد أقسامها واتساع ميادينها ، تعد من الدراسات المهمة التي تدرس الاستجابات البشرية لمؤثرات البيئة الجغرافية، وعلاقة الإنسان بالبيئة ، ولما كانت الجغرافيا مادة لابد منها للتعرف على الطبيعة حتى يستطيع الباحث أن ينظم المادة العملية الضرورية للبحث ، نسبة إلى أن الجغرافيا الطبيعية تدرس الأرض لحساب الإنسان ، بينما تدرس الجغرافيا البشرية الإنسان في إطار حضوره وتعامله مع الأرض ( 1).


أشار استامب (Stamp ) حينما ذكر قبل خمسين عاما " جاء الوقت في بذل الجهود ، لتطوير العمل الميداني والمسح الجغرافي لكي يستفاد منهما في الدراسة التطبيقية في حل بعض المشكلات العالمية الكبرى مثل الانفجار السكاني في مناطق العالم ، وتطوير الدول النامية وتحسين المستوى المعيشي واستخدام الأرض بالنسبة للموارد الاقتصادية ، كما يرى أن الجغرافيا التطبيقية تعد من أهم أهداف التخطيط المدني والإقليمي (2).

فضلا عن الاتجاه الحديث للجغرافيا الذي يهدف إلى محاولة إخضاع الظواهر الطبيعية والبشرية التي تدخل ضمن إطار المادة الجغرافية للأسلوب الكمي حتى تكون نتائج البحث الجغرافي دقيقة وموثقة ، وهذا ما شهدت فيه سنوات العقود الثلاثة الماضية تغييرا كبيرا وتطورا ملاحظاً في علم الجغرافيا ، ليس في منهجه ومحتواه فحسب بل في الأساليب التي يعتمد عليها في تحقيق أغراضه وأهدافه ، وذلك من خلال التعامل مع الأرقام ، أو ماعرف بالاتجاه الكمي المتمثل في تطبيق الأساليب الإحصائية في تحليل العلاقات المختلفة بين مكونات البيئة ونشاط الإنسان في دراسة المشكلات والظاهرات الجغرافية (3)وتخطيط المدن .

ويعتبر المنهج الإحصائي في الوقت الحاضر من أهم أدوات الدراسة الكمية السائدة في الدراسات الجغرافية الحديثة المتطورة ، بالإضافة إلى الدراسات المعاونة التي تعتبر صفة أساسية لفروع الجغرافيا المختلفة باعتبارها علما وثيق الصلة بالعلوم الأخرى مما جعل البعض يطلق على علم الجغرافيا علم العلوم , ومن ثم بدأ أخيرا استخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS) حديثا في مجال أصول الجغرافيا والتي تعتبر من أحدث الدراسات الجغرافية ، فقد بدأ تطبيقها في معظم جامعات ومؤسسات الدول المتقدمة بالإضافة إلى تطبيقها في بعض الدول العربية على سبيل المثال وليس الحصر في جامعات المملكةالعربية السعودية وقطر . ونظم المعلومات عبارة عن دراسة تحليلية تطبيقية بهدف إدخال الأساليب والتقنيات العملية الحديثة في مجال البحوث العلمية بوجه عام ، وفي جميع مجالات فروع الجغرافيا المتعددة بوجه خاص ، ففي مجال جغرافية المدن تستخدم نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في مساعدة توفير إمكانيةالتحليل الكمي والنوعي والمقداري وتسهيلات إسقاط الخرائط الخاصة بدراسة المدن ، فضلا عن المخططات البيانية وتحويل تلك المعلومات الوصفية إلى بيانات وأشكال رقمية (4)

فقد أشار ( استيفن ليفي ) إلى أنه عندما تتضافر جهود الجغرافيا الرقمية مع التكنولوجيا اللاسلكية والانترنت فإن العالم يتخذ الأبعاد الجديدة ، ومن ثم فإن رسم الخرائط القديم باق حاليا مع نظم المعلومات الجغرافية يحفزه التصوير من الفضاء الخارجي والأنظمة العالمية لتحديد المواقع بواسطة الأقمار الصناعية والهواتف النقالة ومحركات البحث وطرق جديدة من وضع العلاقات على المعلومات من أجل الشبكة العالمية للمعلومات في طليعة التقدم ، ويقول( توم بيلي) وهو تنفيذي في قسم ماب بوينت (Map Point ) في مايكروسوفت ، إن مجال رسم الخرائط بأجمعه يشهد تطورا في كثير من الاتجاهات ، حيث إن الملايين ممن يقومون برحلات على الطرق يعمدون إلى تنزيل الخرائط المعدة حسب الطلب من مشروعات على الانترنت من قبل مواقع كل من( Map Quest وYahoo Map ويمكن أن تتم عملية بحث الأشياء وفقا لموقعها على محرك البحث Google ويقول ( جاك دانغرموند ) مؤسس معهد أبحاث الأنظمة البيئية ، وهي عبارة عن شركة بولاية كاليفورنيا ، لعبت دورا مهما ورائدا فيما يختص بـأنظمة المعلومات الجغرافية ( أنا ) أطلق عليه اسم الكوكب الافتراضي ، فهو يجمع بين الشبكة العالمية للمعلومات ومعلومات جغرافية مثل الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية والطرقات والمعلومات السكانية والمجسمات، ويعرف ( دانغرموند ) هذا المجال جيدا عندما بدأ بمعهد أبحاث الأنظمة البيئية عام 1969 ، حيث كان علم الجغرافيا حقلا أكاديميا يفتقر إلى استخدام أجهزة الحاسوب لرسم الخرائط ، علما بأن جامعة ( هارفارد ) قبل سنوات من ذلك التاريخ تعتبر من أول الذين يجرون تجارب في مجال خلق خرائط افتراضية ، قامت بوضع المعلومات الكمية من قواعد بيانات بالرغم من أن استخدامها يعتبر معقدا في بعض الأحيان ، ومن ثم فإن هذه الجهود في مجال الجغرافيا الرقمية ذات قيمة خاصة على وجه الخصوص لشركات الطاقة الباحثة عن تحقيق تقدم في مجال التنقيب مثال العثور على أفضل موقع لمدينة مناجم جديدة في فنزويلا ، وعندما أصبحت نظم المعلومات الجغرافية موزعة على نطاق واسع عبر الشبكة المبرمجة بشكل تقليدي بالآلاف من التطبيقات والخدمات، وعليه فقد أنفقت شركة المعلومات نحو ( 340) مليون دولار امريكي لتغيير نظامها لكي يتطابق مع المعايير المقترحة لجعل برامج الحاسوب العائدة لمعهد أبحاث الأنظمة البيئية مفتوحة أمام المطورين الذين يكتبون مايصفه ( دانغراموند) بأنها خرائط من أجل التطبيقات .

وحاليا فإن استراتيجية ( دانغراموند ) في حقل الخرائط ، يشهد توسعا من المشتركين الذي تصفه في مواجهة ( بيل غيتس ) أن قسم ماب بوينت Map Poient التابع لمايكروسوفت لديه نحو(150) مهندسا بمن فيهم العديد من رسامي الخرائط الذين يبتدعون طرقا جديدة للمطورين لوضع المعلومات العائدة لهم ، ومن ثم فإن المايكروسوفت ليست المنافس الوحيد بل هناك العديد من شركات التكنولوجيا الرئيسية .

إن إضافة بعد جغرافي إلى تطبيق موجود لايزيد منفعته فحسب بل إنه في بعض الأحيان ينتج مستوى من المعلومات المخيفة على سبيل المثال وليس الحصر (مثل تبرعات الحملات الانتخابية لرئاسة الجمهورية في الولايات المتحدة الامريكية ) يمكن أن يتم إدخالها رقميا، إلى أن قرر ( مياكل فرومين) وهو باحث لشركة تكنولوجيا يطلق عليها اسم( ايبيم ) أن تشفر جغرافيا المعلومات بحيث يتم تخصيص دوائر عرض وخطوط طول للعناوين ، وأتاح هذا الأمر لمستخدمي الموقع على ( الانترنت ) الذي يطلق عليه اسم ( Fund race) أمر طباعة عنوان ورؤية أي مرشحين يمنحه جيرانهم دعمهم ، ويمكنك أن تطوف الحي لرؤية من تبرعوا وبماذا ، وربما في المستقبل القريب يتوقع المزيد من الطرق المتقدمة للحصول على واقع المعلومات اليومية .

وأخيرا فإن ( جون فرانك) صاحب شركة ميتاكارتا ( Meta Carta ) طريقة للإعراب الجغرافي للوثائق والملفات على سبيل المثال لا الحصر ، عندما يحاول باحث بواسطة (Meta Carta ) عن دولة العراق أو قسم من أقسامها أو منطقة غنية بالنفط ، فإنه يبحث في المئات من قواعد البيانات المعربة جغرافيا العائدة له في تلك الأوراق البحثية والمقالات الأخبارية ونحو 800 مليون صفحة على الانترنت لكي يأتي بكل وثيقة تشير إلى الموقع (5)

وهكذا يتضح مما تقدم كيف استطاعت الجغرافيا أن تتطور من علم أكاديمي، يفتقر ويستفيد من نظم المعلومات الجغرافية عن طريق استخدام الحاسوب في ضبط وجمع المعلومات وشبكات الانترنت والأقمار الصناعية ، فضلاعن أجهزة ماجلان و ( Gps) لتحديد الموقع والموضع الجغرافي ومعرفة الزمن بالتوقيت العالمي والارتفاع عن مستوى سطح البحر .







الاستاذ : منصور عزت ابو ريدة

_____________________________________________________________________________





المراجع والمصادر :

1) د. صلاح الدين علي الشامي (بدون تاريخ) الجغرافيا المعاصرة إسكندرية ص 36

2) Stamp D.I ( 1960) Applied Geography P. 10

3) د. فتحي عبدالعزيز أبوراضي ( بدون تاريخ ) الأساليب الكمية في الجغرافيا إسكندرية ص ث

4) بابكر حامد إبراهيم ( 2003) الخصائص السكانية لدولة قطر باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS) رسالة ماجستير غير منشورة ص هـ

5) News Week ( 6.7 2004)



Geography Websites

الثلاثاء، يوليو 24، 2012

أثر التغيرات المناخية على وضع الزراعة والغذاء

تعد التغيرات المناخية من أهم الظواهر التى تسبب تحديات كبيرة على المستوى الكونى . وتتمثل هذه التغيرات فى الزيادات الكبيرة فى الإنبعاثات الكربونية، والتى أدت إلى تكون ظاهرة الإحتباس الحرارى. ولاشك أن مصر تتأثر بتلك التغيرات المناخية على نطاق واسع.ولعل قطاع الزراعة والغذاء يعد أكثر القطاعات تأثرابهذه التغيرات . و تستهدف هذه الدراسة تقييم أثر التغيرات المناخية على وضع الغذاء المستقبلى(2030) فى مصر متمثلا فى حجم وقيمة الفجوة الغذائية ونسب الإكتفاء الذاتى . وتؤثر التغيرات المناخية على الزراعة والغذاء من خلال تأثير الإنبعاثات الكربونية على الإنتاجية المحصولية فضلا عن ارتفاع مستوى مياه البحر على غرق الدلتا. وقد تم إستخدام ست سيناريوهات لعام 2030، الاول يتبنى تقديرات الإنتاجية طبقا لإستراتيجية التنمية الزراعية المصرية دون إدخال أية انعكاسات لتغيرات المناخ، وهو أكثر السيناريوهات تفاؤلا، بينما يتناول السيناريو الثانى زيادة الإنتاجية الفدانية بنحو 28% فى المتوسط فى ظل فرض ثبات الإنبعاثات الكربونية مستقبلا على ما هى عليه ، ويتتناول السيناريو الثالث زيادة فى الإنتاجية الفدانية 11% فى ظل زيادة الإنبعاثات الكربونية. أما السيناريوهات الثلاثة الأخرى فهى ذاتها السيناريوهات الثلاثة السابقة على الترتيب مع الأخذ فى الإعتبار احتمال غرق نحو 15% من أراضى الدلتا ، وهذه السيناريوهات على ذلك تعد أكثر تشاؤما من السيناريوهات الثلاثة الأولى، كما أن السيناريو السادس يعد أكثرها تشاؤما. وقد تم إستخدام كل من الإنتاجية والمساحة فى ظل هذه السيناريوهات للتنبؤ بالإنتاج الكلى فى عام 2030، هذا بالإضافة إلى تقديرمعدلات الإستهلاك الفردى والإستهلاك الكلى لأهم المنتجات الغذائية عام 2030 ومن ثم التعرف على الفجوة الغذائية ونسب الإكتفاء الذاتى وكذلك تقدير الفجوة فى ظل السيناريوهات الست.


وتشير النتائج إلى وجود عجزغذائى كبير فى السيناريوهات الست موضع الدراسة فى2030 حيث تصل فجوة الحبوب إلى نحو 11,2 مليون طن فى السيناريو الأول رغم أنه أكثر السيناريوهات تفاؤلا، بينما تصل فى أكثرها تشاؤما (السادس) إلى نحو 25,3 مليون طن. وبالنسبة للبقوليات والزيوت النياتية والسكر فتشير النتائج إلى توقع فجوة تقدر نحو 1,4، 6,3، 3,7 مليون طن على الترتيب فى السيناريو الأول وهو أكثر السيناريوهات تفاؤلا، بينما تصل فى أكثرها تشاؤما (السادس) تصل إلى نحو 1,6، 6,6، 4,4 مليون طن على الترتيب.

وبالنسبة للمنتجات الحيوانية أشارت الدراسة إلى وجود عجز شديد فى كافة المنتجات الحيوانية بحلول عام 2030 وعلى الأخص فى كل من اللحوم الحمراء والآلبان ومنتجاتها حيث يصل العجز فى أكثر السيناريوهات تفاؤلا إلى نحو 2,0، 13,5 مليون طن على الترتيب بحلول عام 2030. عدا فى اللحوم البيضاء حيث تصل الفائض الغذائى فى اللحوم البيضاء إلى نحو 0,2 مليون طن.

وقد قدرت الدراسة قيمة الآثار السلبية للإنبعاثات الكربونية بنحو 5,3 مليار دولار وهى الفرق بين قيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو زيادة الإنبعاثات الكربونية (سيناريو 3) والتى تقدر بنحو 47,5 مليار دولار، وقيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو ثبات الإنبعاثات الكربونية (سيناريو 2) والتى تقدر بنحو 42,2 مليار دولار فى 2030. وأشارت الدراسة إلى أن قيمة الآثار السلبية لغرق الدلتا بنحو 5,4 مليار دولار وهى الفرق بين قيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو الإستراتيجية مع غرق 15% من الدلتا (سيناريو 4) والتى تقدر بنحو 25,1 مليار دولار، وقيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو الإستراتيجية مع عدم غرق 15% من الدلتا (سيناريو 1) والتى تقدر بنحو 19,7 مليار دولار فى 2030. أى أن القيمة الإجمالية المقدرة لمخاطر الأثار السلبية للتغيرات المناخية على الزراعة المصرية تبلغ 10,7 مليار دولار بحلول عام 2030.

ولتخفيف هذه المخاطر الهائلة توصى الدراسة بضرورة إحداث تغيرات جذرية فى السياسات الزراعية والمائية الحالية تركز على إعطاء اكبر قدر من الإهتمام للإسراع بمعدل النمو فى الإنتاجية الزراعية، فإذا كان معدل النمو فى الناتج الزراعى الحالى لا يتجاوز 3% خلال سنوات العقد المنصرم فينبغى مضاعفة هذا المعدل إلى 5% على الأقل، الأمر الذى يتحقق عن طريق زيادة الإنفاق ومضاعفة الإستثمارات الزراعية من 8 مليارات جنيه سنويا فى الوقت الحالى إلى 16 مليار سنويا بالأسعار الثابتة خلال العقدين القادمين أى بإستثمارات كلية تصل إلى 320 مليار جنيه حتى عام 2030. بالإضافة إلى مضاعفة الإنفاق على البحوث الزراعية لاسيما البحوث المتعلقة بإنتاج وتطوير الاصناف وخاصة الأصناف المقاومة للملوحة والأصناف المقاومة للحرارة والاصناف قصيرة المكث والأصناف الموفرة للمياه. والإنفاق على تحسين السلالات الحيوانية .وتجدر الإشارة إلى أن الإنفاق الحالى على البحوث الزراعية لا يتجاوز 25 مليون جنية سنويا.الأمر الذى لا يتناسب مطلقا مع التحديات التى تواجة مصر على صعيد الأمن الغذائى مستقبلا وعلى ذلك ينبغى مضاعفة هذا الإنفاق إلى أكثر من 20 ضعفا أى بما لا يقل عن 500 مليون جنية سنويا، وهو مالا يتجاوز 0,5% من الناتج الزراعى الإجمالى. كما أوصت الدراسة بضرورة إتباع الإستراتيجات الملائمة لمقاومة إرتفاع منسوب مياه البحر ومنع تآكل الشواطئ الشمالية للدلتا. و تقدر تكلفة هذة الإجراءات بنحو 300 مليون دولار.