الجمعة، سبتمبر 07، 2012

أهمية السياسة ألاقليمية في توازن الهيكل المكاني

أن من بين النتائج الممكنة لخطط التنمية , الاقتصادية والاجتماعية , الاثار الكبيرة في اتساع الفجوة في الفروقات الاقتصادية والاجتماعية بين الاقاليم وضمن الاقليم الواحد . اذ يمكن أن تتركز الفعاليات الاقتصادية والسكان في المراكز الحضرية التي تحقق نمواً اقتصادياً , نظراً لما تتميز به من مزايا نسبية مثل توافر العوامل النادرة والبنى الارتكازية والخدمات الاساسية , مكونة مراكز استقطاب او ما تسمى بقوى الاستقطاب (Polarizing forces ). أن مثل هذه المزايا أدت الى هجرة ( غير مخططة ) من بعض الاقاليم الى الاقاليم الاخرى , ومن الريف الى المدينة . ومن ثم انعدام التوازن الاقليمي , واحداث اقاليم متطورة وأخرى متخلفة ضمن البلد الواحد , والى جملة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. أن عملية الاستقطاب كان لها تأثير سلبي مباشر على الريف والمدن الصغيرة , كما كان لها تأثير سلبي على المدن الكبيرة . ففي المدن الصغيرة والارياف حددت عملية الاستقطاب من النمو والتطور الذي ادى الى ظهور الفروقات في مستويات الدخل والمعيشة بين الحضر والريف , وبين الاقاليم بعضها البعض . ويرجع سبب ذلك الى أهمال الهيكل المكاني في خطط التنمية القومية وظهور ما يسمى بالثنائية (Duality) في الهيكل المكاني للبعد حيث تتمركز الموارد والفعاليات الدافعة (Propulsive Activities¬(في مراكز التنمية الفورية دون الاقاليم الضعيفة والمناطق المحيطة لهذه.


أما بالنسبة للمراكز والمدن الكبيرة فتتمثل التأثيرات السلبية للاستقطاب بالنمو السكاني السريع نتيجة الهبوط النسبي لاهميةالزراعة وهجرة السكان الريفيين الى المناطق الحضرية القديمة التي أصبحت مكتضة بالسكان والتظخم الاقتصادي وزيادة في الضغط على الخدمات وأرتفاع البطالة والتلوث وأزدحام المرور , فضلا عن المشاكل الاجتماعية النابعة من التحضر (Urbanization) . ولذلك فقد توجه أهتمام المخططين الى التغيرات الجوهرية التي تحدث في الاقتصاد القومي وهيكله المكاني نتيجة المشاريع الضخمة التي تتضمنها خطة التنمية . والى التأثيرات التي تحدثها التنمية الاقتصادية على البعد الخيري لعملية التنمية الاقتصادية , اذ أن النمو الاقتصادي لايتأثر فقط بالهيكل المكاني للآنتاج , بل أن هيكل الانتاج له اثار مهمة على سير التنمية الاقليمية في المستقبل.

ومما تقدم يتضح لنا بأن عملية التنمية يمكنها أن تلعب دوراً فاعلاً أذا ما أخذ بالحسبان التأثير المتبادل بين التنمية وبين ماينجم عنها من تأثير في توزيع السكان والدخول بما يحقق التوازن بين مختلف عوامل التنمية , وذلك بالاعتماد على شبكة المستقرات .

وهنا لابد للباحث من التساؤل : كيف يمكن تحقيق التوازن بين التنمية والهيكل المكاني للمستقرات.وللأجابة على هذا السؤال يمكن القول بأن هذا التوازن يتحقق عبر مراعاة النقاط الاتية : (حسن , 2001 , 13 ) .

-1الاهتمام بالمستقرات والمناطق المحيطة من خلال النظر اليها ضمن المحتوى القومي والاقليمي واستغلال الموارد المتاحة والافادة منها.

-2الأخذ بالحسبان الأيدي العاملة الفائضة في المناطق الزراعية المكتظة بالسكان الريفيين والاستفادة منها في الصناعة.

-3تخفيض معدلات النمو (الاقتصادي, السكاني, العمراني في المراكز الكبيرة التي تعاني من المشاكل الحضرية, وتوجيه الاهتمام برفع معدلات النمو في المستقرات ذات النمو المنخفض. مع ملاحظة أن تحقيق هذه الاهداف يتطلب بعض درجات من عدم التركيز الجغرافي (Geographical Deconcentration) للتنمية الاقتصادية في المستقبل بين الأقاليم وذلك بنشر أو تثبيت النمو في مستقرات منتجة معتمدة على :

-1المحددات والمعوقات الموجودة.

-2 المتطلبات اللازمة للاهداف الاقتصادية الشاملة مع مراعاة الاسبيقية.

-3 درجة الأهمية المتعلقة بالأهداف غير الاقتصادية المراد تحقيقها في تحسين الوضع الاجتماعي الأقليمي. مع الاخذ بالحسبان أن التوزيع المتشتت للمستقرات يتضمن صعوبات تقنية في تقديم الخدمات الضرورية بمختلف انواعها . اذ انه يزيد من تكلفتها, ويجعل تقديمها متعذرا من الناحية الاقتصادية في معظمها .

وهكذا يمكن لسياسة التنمية الاقليمية أن تلعب دوراً هاما في الهيكل المكاني للاستقرار من خلال ستراتيجيتاتها المتمثلة بالنقاط الاتية :-

-1هجرة العمال: - تؤكد هذه الاستراتيجية على استغلال الموارد البشرية لأغراض النمو واعادة استقرارهم في المناطق ذات الامكانيات العالية, اذ تتوفر فيها فرص العمل. وتنطبق هذه الاستراتيجية في المناطق المتخلفة التي يصعب التصنيع فيه وتعاني من البطالة . أن هذه الاستراتيجية تعتمد على هجرة الايدي العاملة, ومن ثم فأنها تتضمن اعادة توزيع السكان والذي يجب أن يراعي فيه اعادة توزيع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات التي يمكن أن تطرأ في ترتيب السكان واتجاهات النمو الحضري. ان هذه الاستراتيجية غير مجده لكزنها تخالف مبدأ العدالة في الفرص المتساوية لجميع مناطق البلد

-2 حركة رأس المال: تقوم هذه الاستراتيجية على توجيه الاستثمارات وتشجيع تدفق صناعات جديدة وتحسين البنى الارتكازية في المناطق المتخلفة. ويمكن لسياسة التنمية ومن خلال أدواتها السيطرة على توجيه حركة الفعاليات الاقتصادية ، وتؤدي هذه الاستراتيجية الى استغلال الموارد غير المستغلة بشكل كامل . كما انها تحافظ على السكان في مثل هذه المناطق من خلال جذب الفعاليات الاقتصادية وتحسين البنى الارتكازية فيها . وتلأئم هذه الاستراتيجية الاقاليم المتخلفة والمناطق الزراعية التي يمكن تطورها ببعض التدفقات الصناعية بأحجام صغيرة وفعاليات خدمية .

-3 التفاوت في التنمية الاقليمية: لقد برهنت التجارب التنمية في الدول النامية, ان ميكانيكية التنمية ترتكز في عملية التخطيط ولمدة ليست بالبعيدة , على البعدين القطاعي والزماني فقط اي الاهتمام بربحية المشروع وتأثيراته على الناتج القومي خلال فترة زمنية معينة . وتقتصر هذه الاستراتيجية الى البعد الثالث وهو البعد المكاني في عملية التخطيط
( الكناني , 2005 , 35-33 ) .



موضوع من اوراق البحث الذي اقوم باعدادة . منصور ابو ريدة