الجمعة، أكتوبر 04، 2013

أزمة الجغرافيا في طريقة تدريسها وليس في مادتها

في زمن غابر جرى نقاش حاد حول الجغرافيا وهل هي من العلوم أم لا ، وانتهى الجدل بالاعتراف بالجغرافيا سيدة للعلوم الإنسانية ، وتم تخصيص مقعد لها في الجامعات العريقة . لقد برهنت الجغرافيا ، كعلم أهميتها في دول العالم المتقدم حيث مارس الجغرافيون واجباتهم الوطنية خارج قاعات الدرس بكفاءة عالية نالوا بسببها احترام الجميع . ولعل الجوهر في هذا كله ، الطريقة التي درس بها هؤلاء الجغرافيا منذ المرحلة التعليمية الابتدائية صعودا إلى التأهيل الجامعي التخصصي . فطريقة التعلم هي المفتاح التعليم وفي ميادين الحياة المختلفة .              ما أصاب الجغرافيا من غبن في بلداننا العربية بسبب طريقة التعيلم الخاطئة لمعظم العلوم ، إن لم يكن جميعها . فالرياضيات هي ليست عمليات حسابية إلية ، بل منطق وسياقات تفكير . كذلك الحال مع الهندسة ، وعلوم الحياة ، والفيزياء واللغة . والتاريخ ليس حكايات جدتي أو سرد غيبي للأخبار والأحداث ، فله منطقه وفلسفته . ومع شديد الأسف فان فلسفة العلوم لا يهتم بها ولا تدرس في العديد من الأقسام العلمية على أهميتها القصوى . وان درست ، فلا صلة لها بالمواد الاخرى حيث لا تدل على وجود ترابط جدلي ، عضوي بينها : علم الخرائط ، منهج البحث العلمي ، الدراسة الميدانية ، التحليل الكمي ، فلسفة الجغرافيا . وحتى الدراسة الإقليمية لا يتم الربط فيها بين فروع الجغرافيا الأصولية ، بل تعامل كمفردات منهج تثقيفي تمثل فصولا في كتاب عام وليس كمادة مترابطة متداخلة محددة لملامح الإقليم وشخصيته . إنها كدراسة أشجار غابة كل واحدة بمعزل عن الأخرى وبعيدا عن النظرة النظامية التكاملية الموحدة لبيئة الغابة . إنها دراسة مجزوءة ناقصة غير مجدية ، لذلك ينساها الطلبة ولا يهتموا بها . أنهم لا يستوعبون الهدف من دراستها ، فهي بالنسبة لهم مادة تقرأ للامتحان فقط . ولهذا السبب برزت ظاهرة الغش بين الطلبة وتفاقمت مع الايام  .                                                                                                     يعرض المقال وجهة نظر الكاتب في السبل التي يمكن من خلالها نفض التراب عن وجه مادة لها أهميتها العلمية خارج قاعات الدرس ، وإعادة الحياة إليها بعد أن كاد يقضي عليها من قبل معلميها ومدرسيها الذين تعرفوا على أشجار الغابة وحفظوا ألوانها وإشكالها ولكنهم جهلوا علاقات بعضها ببعض وما ينتج عن هذه العلاقة من بيئة حياتية متكاملة ومعنى علمي حقيقي . فالجغرافيا هي دراسة التنظيم المكاني لعناصر الحياة وتفاعلها على سطح الأرض سواء أكانت هذه العناصر طبيعية (  هواء , ماء ، تربة ، صخور ) أم بشرية ( نشاطات الإنسان والبيئة التي صنعها لنفسه ) . فالجغرافيا ليست معلومات منضدة في كتب ، بل مشاهدات ميدانية في البيئة التي نعيش فيها ونعمل . ومن لا يفهم التنظيم المكاني لعناصر البيئة التي يعيش فيها وطريقة تفاعلها مع بعض البعض ، و معه بالذات ، لا يستوعب مطلقا جغرافية العالم وان حفظ نصوصها وخرائطها عن ظهر قلب . فبداية دراسة الجغرافيا تكون في البيت والمحلة والمدرسة . أنها الأطلس الذي يجب أن يعتمده المعلم لإفهام التلاميذ والطلبة الجغرافيا وماهيتها وأهميتها الحياتية اليومية لهم . وكما قال علماء النفس ، من لا يعرف نفسه يجهل الآخرين ، كذلك يمكن القول بان من لا يعرف جغرافية منطقة سكنه لا يستوعب جغرافية بلده ، ولا جغرافية البلدان الأخرى .
منقول للفائدة ....... مع تحيات الاستاذ منصور ابو ريدة